ارحل كزين العابدين وما نراه أضل منك
ارحل وحزبك في يديك
ارحل فمصر بشعبها وربوعها تدعو عليك
ارحل فإني ما أرى في الوطن فردا واحدا يهفو إليك
لا تنتظر طفلا يتيما بابتسامته البريئة أن يقبل وجنتيك
لا تنتظر أمّا تطاردها هموم الدهر تطلب ساعديك
لا تنتظر صفحا جميلا فالخراب مع الفساد يرفرفان بمقدميك
ارحل وحزبك في يديك
ارحل بحزب امتطى الشعب العظيم
وعتى وأثرى من دماء الكادحين بناظريك
ارحل وفشلك في يديك
ارحل فصوت الجائعين وإن علا لا تهتديه بمسمعيك
فعلى يديك خراب مصر بمجدها عارا يلوث راحتيك
مصر التي كانت بذاك الشرق تاجا للعلاء وقد غدت قزما لديك
كم من شباب عاطل أو غارق في بحر فقر وهو يلعن والديك
كم من نساء عذبت بوحيدها أو زوجها تدعو عليك
ارحل وابنك في يديك
إرحل وابنك في يديك قبل طوفان يطيح
لا تعتقد وطنا تورثه لذاك الابن يقبل أو يبيح
البشر ضاقت من وجودك.. هل لابنك تستريح؟
هذي نهايتك الحزينة هل بقى شيء لديك؟
ارحل وعارك أي عارْ
مهما اعتذرتَ أمامَ شعبكَ لن يفيد الاعتذارْ
ولمن يكونُ الاعتذارْ؟
للأرضِ.. للطرقاتِ.. للأحياءِ.. للموتى..
وللمدنِ العتيقةِ.. للصغارْ؟!
ولمن يكونُ الاعتذارْ؟
لمواكب التاريخ.. للأرض الحزينةِ
للشواطئِ.. للقفارْ؟!
لعيونِ طفلٍ
مات في عينيه ضوءُ الصبحِ
واختنقَ النهارْ؟!
لدموعِ أمٍّ لم تزل تبكي وحيدا
فر أملا في الحياة وانتهى تحت البحار
لمواكبِ العلماء أضناها مع الأيام غربتها وطول الانتظارْ؟!
لمن يكون الاعتذار؟
**
ارحل وعارك في يديكْ
لا شيء يبكي في رحيلك..
رغم أن الناس تبكي عادة عند الرحيلْ
لا شيء يبدو في وجودك نافعا
فلا غناء ولا حياة ولا صهيل..
ما لي أرى الأشجار صامتةً
وأضواءَ الشوارعِ أغلقتْ أحداقها
واستسلمتْ لليلِ في صمت مخيف..
ما لي أرى الأنفاسَ خافتةً
ووجهَ الصبح مكتئبا
وأحلاما بلون الموتِ
تركضُ خلفَ وهمٍ مستحيلْ
ماذا تركتَ الآن في أرض الكنانة من دليل؟
غير دمع في مآقي الناس يأبى أن يسيلْ
صمتُ الشواطئ.. وحشةُ المدن الحزينةِ..
بؤسُ أطفالٍ صغارٍ
أمهات في الثرى الدامي
صراخٌ.. أو عويلْ..
طفلٌ يفتش في ظلام الليلِ
عن بيتٍ توارى
يسأل الأطلالَ في فزعٍ
ولا يجدُ الدليلْ
سربُ النخيل على ضفافِ النيل يصرخ
هل تُرى شاهدتَ يوما..
غضبةَ الشطآنِ من قهرِ النخيلْ؟!
الآن ترحلُ عن ثرى الوادي
تحمل عارك المسكونَ
بالحزب المزيفِ
حلمَكَ الواهي الهزيلْ..
***
ارحلْ وعارُكَ في يديكْ
هذي سفينَتك الكئيبةُ
في سوادِ الليل تبحر في الضياع
لا أمانَ.. ولا شراعْ
تمضي وحيدا في خريف العمرِ
لا عرش لديكَ.. ولا متاعْ
لا أهلَ.. لا أحبابَ.. لا أصحابَ
لا سندا.. ولا أتباعْ
كلُّ العصابةِ تختفي صوب الجحيمِ
وأنت تنتظرُ النهايةَ..
بعد أن سقط القناع
البلد في عنيك كان مغارة للنهب
والدنيا قطيع من رعاع
الافق يهرب والسفينة تختفي
بين العواصف والقلاع
هذا ضمير الشعب يصرخ
والشموس السود تلث
خلف قافلة الوداع
والدهر يروي قصة السلطان
يكذب ثم يكذب ثم يكذب
ثم يحترق التنطع والبلاد والخداع
هذا مصير الحاكم الكذاب
موت او سقوط او ضياع
ما عاد يجدي
أن تعيد عقارب الساعة الساعات
يوما للوراء
او تطلب الصفح الجميل
وأنت تخفي من حياتك صفحة سوداء
هذا كتابك في يديك
فكيف تحلم أن ترى
عند النهاية صفحة بيضاء؟
الأمس مات
ولن تعيدك للهداية توبة عرجاء
واذا اغتسلت من الذنوب
فكيف تنجو من دماء الابرياء
واذا برئت من الدماء
فلن تبرئك السماء
لو سال دمعك الف عام
لن يطهرك البكاء
كل الذي في مصر
يلعن وجهك المرسوم
من جوع الصغار وقهرة الاباء
أخطأت حين ظننت يوما
أن في التاريخ امجادا
لبعض الاغنياء الاغبياء
....................
ارحل وعارك في يديك
ما عاد يجدي
أن يفيك ضميرك المهزوم
أن تبدي أمام الناس شيئا من ندم
فيداك غارقتان في سلب ونهب ونهم
ووجه الكون اطلال...... وطفل جائع
من ألف عام لم ينم
جثث النخيل على الضفاف
وقد تبدل حالها
واستسلمت للموت حزنا...... والعدم
شطان نيل كيف شردها الخراب
ومات في أحشائها أحلى نغم
وطن عريق كان ارضا للبطوله...
صار ماوى للرمم